[center]ايها الاخوان
ان النقطة التي ابتداء منها بلاؤنا و شقاؤنا , هي انهم ارادونا على الانقسام , و زينوه لنا
كما يزين الشيطان للانسان سوء عمله , فأطعناهم و انقسمنا , فوسعوا شقة الانقسام بيننا
باموالهم , و ارائهم و علومهم , و لم يتركوا اداة من ادوات التقسيم الا حشدوها في هـــذا
السبيل , و لم يغفلوا الاستاذ و الكتاب و الراهب و المرأة و التاجر و السمسار , حتى بلغوا
الغاية في تقسيمنا شيعا و دولا و ممالك , كما توزع قطعة الارض الكبيرة الصالحة الى قطع
صغيرة لا تصلح واحدة منها و لا تكفي.
ثم عمدوا الى خيرات الارض فاحتكروها لانفسهم , و استخرجوها بعقولهم المدبرة , و ايدينا
المسخرة , فكان لهم منها حظ العقل و لنا منها حظ اليد , و لو اننا تعاسرنا عليهم من اول يوم
في تقسيمنا , و لذنا بكعبة الوحدة نطوف بها و نلتزم اركانها – لما نالوا منا نيلا, و لما وصلنا.
اما و قد بلغوا من تقسيمنا ما يريدون , و اصبحنا في درجة من الضعف المادي و الضعف العقلي
نعتقد فيها ان الله خلقنا خلقة الارنب , و خلقهم خلقة الاسد , و جف القلم , و لا تبديل
لخلق الله – فأول واجب علينا , بل اول نقطة يجب ان نبتدئ منها السير , هي ان نفكر بهــذا
الانقسام , و نكفر عليه بضده, و هو الوحدة الشاملة لجميع الاجزاء , و كيف يكون ذلــــــك
و قد بنيت على ذلك التقسيم اوضاع جديدة و ممالك و ملوك و حدود , و ان تغيير الممالــــك
و ملوك و حدود , و ان تغيير الممالك لصعب , و ان فطام الملوك عن لذة الملك لاصعب منه ?
فلنلتمس مفتاح قضيتنا من بين هذا الركام من الادوات البالية , و لنعتصم بالامر الميسور ,
و هو ان نوحد التعليم و مناهجه , و التجارة و اوضاعها , و لنطمس هذه الحدود الفاصلــــة
بين اجزاء الوطن الواحد, و ليرتفق بعضنا ببعضنا فيما يزيد فيه بعضنا على بعضـــــــــــــــنا,
و لنكن يدا واحدة على الاجنبي , و لنعتبر المعتدي على جميع الاجزاء , وعدو العراق هو عدو
مراكش , و لنذكر من خصال الامم ما فعلته ايطاليا في ضم اجزائها , و ما فعلته المانيا , و مــا
فعلته فرنسا التي لم تنم لها عين في قضية الالزاس و اللورين , و لو ان معتديا اعتدى علــــى
جزء من انكلترا ) و هي كجزيرة العرب ( لتداعى الانكيز من اطراف الارض لاسترجاعهـــــــا,
فلم لا نكــــــــــــــــــــــــــــــــون كذلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك?
انهم ان علموا ذلك منا , و علموا جدنا فيه تابوا عن سيرتهم فينا و اقلعوا.
اما من الان للاكل فليس من حقه ان يلوم اللاكلــــــة.